رؤية اشورية موجزة جدا للمظاهرات العراقية


ادورد اوراها

يبدو الوضع العراقي مشوبا بالغموض فيما يتعلق بمقبل الايام و نتائج التظاهرات التي تجتاح مدن العراق, والاشوريون كعادتهم في الانخراط في موجات الفوران العاطفي انخرطوا هذه المرة في مساندتهم للمظاهرات دون رؤية واضحة لما يريدونه منها او ما قد يتمخض عنها آشوريا.
 ان التعاطي مع الاحداث الهامة في الحالة العراقية او السورية او الايرانية  او التركية او شتى مناطق التواجد الاشوري امر لا شائبة فيه بل هو امر مهم اذا تم التعامل معه من منظور اشوري "وهذا لا يتقاطع باي شكل من الاشكال مع الحس الوطني", ولكن ما يؤخذ على الحراك الاشوري هو انجرافه العاطفي اللاواعي في تيارات المعارضة او الموالات دون بناء المواقف على ارضية اشورية واضحة, والمظاهرات الاخيرة في العراق مثال واضح على ذلك.
في البدء لا بد من استعراض مواقف الاحزاب المحسوبة على الاشوريين في العراق و قراءتها بتأني وهنا فقد اعلن فصيلان فقط موقفهما الرسمي من الاحداث (لحين كتابة هذه الاسطر) وهما من حزب أبناء النهرين والحركة الديمقراطية الاشورية و لنبدأ بتصريح حزب ابناء النهرين :
ان القارئ للتصريح اذا لم يعلم مصدره لظنه صادرا من الامم المتحدة او البرلمان الاوربي او على اقل تقدير من جامعة الدول العربية , فقد جاء بهذه الحيادية و الانفصال عن الواقع, فقد تركز البيان حول شرعية المطالب والحفاظ على سلمية المظاهرات, وهو بما جاء فيه لم يقدم شيئا ذا قيمة لا على الصعيد الاشوري ولا الوطني , وقد تناست قيادة الحزب انها الى وقت قريب كانت جزءا من منظومة الحكم التي بنت دولة الفساد واسهمت في تقتيل وتهجير الاشوريين من خلال عضويتهم في الحركة الديمقراطية الاشورية الى وقت قريب.
ان هذا البيان يلخص الى حد كبير انفصال التنظيمات السياسية (الاشورية) عن الواقع الاشوري واولويات الشعب الاشوري وقضيته القومية التي اسهموا بشكل فعال كما اسلفت اعلاه في تفتيتها واضعاف ملامحها.
اما بيان الحركة الديمقراطية الاشورية فقد نحى ذات المنحى (وهو امر متوقع لكون الحزبين ينتهجان نفس المنهج ولا يختلفان الا على مدى عدالة تقاسم المغانم الحزبية والشخصية).
اهم ما جاء في هذا البيان كسابقه تلخص بتاييد مطالب المتظاهرين والدعوة الى حفظها من المندسين , متتناسيا ان الحركة كانت مشاركة في النظام السياسي الفاسد والذي تجاهل معاناة الاشوريين وابادتهم, وهو كسابقه يؤكد انفصال الحركة وبعدها عن اولويات القضية الاشورية التي تنصلت عنها واختزلتها في تمثيل سياسي او اداري غيرقادر على اضافة شئ الى رصيد القضية.
اما على الصعيد الشعبي فقد بدأ حراك اشوري مهجري للتظاهر دعما للمحتجين في العراق دون ان يقدم المهجر موقفا اشوريا من هذه الاحتجاجات.
في المجمل فالمواقف الاشورية الحزبية والشعبية لم تقدم رؤية اشورية للاحداث او الحلول بل انصهرت في فوضى عاطفية حينا او في محاولة لركوب الموجة حينا اخر دون ان تستقرئ مرحلة ما بعد التظاهرات.
الان لنستعرض السيناريوهات المحتملة وما تعنيه أشوريا.
بالنظر الى عدم تبلور لائحة مطالب شعبية لحد الان فلا بد من اللجؤ الى اعتبار الشعارات المرفوعة تمثل رغبة المتظاهرين و هذه الشعارات يمكن ان نلخصها بمطلب تغيير النظام الحاكم واستئصال مكوناته (من خلال شعار الشعب يريد اسقاط النظام)  وفيما عدا ذلك فالشعارات جاءت للتعبير عن حالة الغضب الشعبي من اداء منظومة الحكومة منذ 2003 الى حد اليوم, ومن هنا فاننا امام احتمالين:
الاول ان تتصاعد التظاهرات الى ان تحقق اهدافها بقيام نظام سياسي جديد  (وهذا مرتبط برفع الغطاء الامريكي عن العملية السياسية العراقية في مقابل تضائل قدرة الدعم الايراني) والشعب الاشوري في هذه الحالة مطلوب منه ان يكون مستعدا لهذا التغيير الذي قد يكون مناظرا من حيث حجمه وجذريته للتغيير الذي حصل عام 2003 مع اختلاف آلياته (فمن المرجح ان يكون للمجتمع الدولي دورا فيه ان حصل وهذا موضوع يستحق التحليل الدقيق) , هذا المؤشر يحدد الاتجاهات التي ينبغي ان يسلكها الاشوريون للحصول على مساحة تاثير في الحالة العراقية المستقبلية باتجاه العمل على مفاصل التاثير في حكومات المهجر الاشوري والجوار الاقليمي و مفاصل المجتمع الدولي, وابراز الصورة الحقيقية للنظام السياسي العراقي كونه نظام فاسد وقمعي افرزت سنواته ابادة للاشوريين وتهجير شامل و تطهيرعرقي,ابراز هذه الصورة من خلال فضح تعامله مع مطالب العراقيين بالشكل الوحشي الذي نراه , فما بالك بتعامله مع اقلية عددية متباينة دينيا وعرقيا ؟!
هنا تكمن اهمية تعاون المهجر الاشوري مع الجاليات العراقية وتعزيز الموقع الاشوري كعنصر فاعل في دعم الحراك الشعبي المشروع.
مع ما سبق لا بد من الاخذ بعين الاعتبار ان القوى التي كانت تصول وتجول في الساحة الاشورية منذ 2003 لحد اليوم قد اثبتت عجزها عن الحفاظ على اسس ومقومات القضية الاشورية وتسابقت في تقديم تنازلاتها في مقابل موطئ قدم في عملية سياسية كانت الاكثر اضرارا بالاشوريين منذ تاسيس الدولة العراقية,وبالتالي على الشعب الاشوري ان لا يعيد التجربة اذا اراد ان يحقق ما قد يحفظ له ما تبقى من وجود في وطنه اشور.
الاحتمال الثاني: اجهاض موجة الاحتجاجات وبقاء الحال على ما هو عليه, وفي هذه الحالة فعلى الشعب الاشوري ان يواصل تحشيد الدعم لمطالبه من خلال ابراز الوجه البشع للنظام السياسي العراقي المُظهر للديمقراطية والمُبطِن لرغبات استئصال المختلف سواء كان الاختلاف بالرأي او العرق او الدين وما يشكله مثل هذا النظام من خطر على السكان الاصليين ,الاشوريين, والعمل على استثمار الظغط المسلط على الحكومة وزيادته وتوجيهه باتجاه النظر في حقوق الاشوريين ,وهنا اقصد الحقوق القومية وليس السياسية او الادارية التي قد تختزل في موقع مدير عام او وكيل وزارة او غيرها مما لا تحقق على ارض الواقع الي شئ للقضية والشعب الاشوري .

الروابط:
-          بيان المكتب السياسي للحركة الديمقراطية الاشورية
-          تصريح من حزب أبناء النهرين حول التظاهرات الشعبية في العراق



Comments

Popular posts from this blog

سوق المواقف الآشورية

قانون اللغات الرسمية .. قراءة آشورية