السيد ساكو والافتراء على الاشورية


ادورد اوراها

بدءا لا بد من الاشارة الى ان بعض الاراء و الافكار تستحق الوقوف عندها مطولا للتامل فيها و مناقشتها و التعاطي معها بشكل فعال, لكن قالة التي  ساناقشها فيما يلي من سطور ليس احدها, فالسبب الذي دفعني لتناوله ليس اهميته "فموضوع استهداف الاشورية بات مستهلكا وخصوصا من السيد لويس ساكو".
السبب الذي دفعني لكتابة هذه السطور هو الاستياء الذي خلقته هذه التصريحات, وردود الافعال التي عقبت نشرها ووبالتالي فلا بد من ايضاح مدى ضحالة المقالة من الناحية العلمية وقيامها على تناقض منهجي يرفع عنها منطقية الحجة ويحولها الى موضوع انشائي لم ارى الهدف من كتابته ,الا ما يمكن ارجاعه الى بغض للاشورية كهوية او التزام بدور مناط بكاتبها للهجوم على هذه الهوية.
يبدأ السيد ساكو مقالته بتعريف القومية على انها شعور "من دون ذكر مرجع للتعريف ما يفتح الباب مشرعا للتخمين حول مصدر هذا التعريف اذ نصت مقالته على التالي:
القومية شعور ذاتي بالانتماءِ الى الارض والعِرق، والتقاليد واللغة والتراث والتاريخ، أي حزمة معطيات.-1
و تعريف القومية على انها شعور ذاتي ينفي عنها صفة الموضوعية و يربطها بالاهواء و الامزجة التي تحدد شعور ما في وقت ما و مكان ما, فقد يشعر احد الاشخاص حسب هذه التعريف بانه عربي في زمن ما و بعد حين قد يشعر بانه كردي او تركي او......
 في مقابل هذا التعريف (اذا صح تسمية ما سبق بالتعريف) لا بد من الاشارة الى ان للقومية تعريفات اكاديمية عدة, منها:
-          لغةً القومية صلة اجتماعية عاطفية تنشأ من الاشتراك في الوطن والجنس واللُّغة والمنافع .-2
-          يشير مصطلح القومية الى انتماء جماعة بشرية واحدة لوطن واحد شريطة ان يجمعها تاريخ مشترك ولغة مشتركة في ارض الوطن والشعور بالمصير والاهداف والمسؤوليات المشتركة لجميع المواطنين.- 3
-          القومية: مصدرها اللغوي من القوم اي جماعة تجمع بينهم رابطة معينة.
في الدلالة السياسية للمفهوم, يرتبط مفهوم القومية بمفهوم الامة, من حيث الانتاء الى امة محددة, والامة هي الشعب ذو الهوية السياسية الخاصة الذي تجمع بين افراده روابط موضوعية وشعورية وروحية متعددة تختلف من شعب لاخر, مثل اللغة والعقيدة والمصلحة والتاريخ والحضارة ...-4

ويمضي السيد ساكو في مقالته فيقول : قبل بضعة سنوات سألني الاعلامي ولسن يونان – وأدعو له بالشفاء التام- عن القومية الكلدانية ووحدة شعبنا فأجبت: ان اي مكوَّن من أبناء شعبنا لا يقدر ان يؤكد علميّاً انه حفيد آشور أو كلدو أو سومر، لانه حصلت حروب في هذه المناطق وموجات هجرة دائمة منها واليها. ولإثبات انتمائنا القومي ببرهان قاطع، نحتاج الى اختصاصيين لتبيان ذلك. هذا ما أكده العلامة الاب جان فيي في مجلداته الثلاثة عن “اشور المسيحية”. استخرج “القومجيون” هذا الكلام عن سياقه، وراحوا ينتقدونني!  اقولها بصراحة لاهُم ولا غيرهُم يقدر ان يفنِّد قولي هذا بغير براهين علمية ثابتة. وبهذه المناسبة أذكر ان أحد رجال الدين من كنيستنا أجرى فحصوصات DNA في احدى المستشفيات فتبين انه خليط من القوقاز وجورجيا.-1
و هنا يقفز السيد ساكو من اعتماده على الشعور معيارا للهوية القومية وهو عامل ذاتي ومتغير الى اعتماد الـ DNA وهو عامل موضوعي ثابت, ومن المثيرللانتباه انه يدعي عدم قدرة احد على تفنيد اقواله للراهين علمية, ولكنه تناسى ان التفنيد العلمي يكون واجبا حيت يستند الادعاء او القول المطلوب تفنيده الى اسس علمية , لا حين يكون الكلام مرسلا وانشائيا غير مستند الى مراجع او حقائق مثبتة.
ثانيا انه يستشهد ان احد رجال الكنيسة هو خليط من القوقاز وجورجيا و لا ادري ما دلالة ذلك من وجهة نظر السيد ساكو وهل هو فعلا يصرح بشان هوية قومية مستندا على (اصول)شخص واحد؟ علما ان الامبراطورية الاشورية قد امتدت الى الى مناطق ارمينيا واسيا الصغرى القوقاز في مارحل من تاريخها- 5, اذا هيمنت على اسيا الصغرى,  القوقاز, الشرق الادنى, شمال افريقيا- 6, وبالتالي فليس من المستغرب بالمرة ان يكون بعض الاشوريين منحدرين من تلك المناطق او ان يكون بعض سكان تلك المناطق ذوي اصول اشورية.
واخيرا سامر على تاكيد السيد ساكو على انتماءه الى الكلدانية فيقول "اني كلداني وعائلتي كلدانية"- 1
وسؤالي هنا: هل هو كلداني شعوريا "بحسب تعريفه" و هل يمكن ان يتغير انتماءه يوما ما او ربما ينبغي ان اسال هل تغير انتماءه بالفعل بحسب الظروف والمعطيات التي من الممكن ان تكون قد غيرت شعوره؟
وسؤالي الاخير للسيد ساكو: اذا اجرى فحوصات الـ ]DNA  فهل ستظهر انتماءئه الى الكلدانية؟؟؟!!!

ملاحظة: لم استخدم الالقاب الكنسية للسيد ساكو كون هذه الالقاب تلزم حاملها و تشترط فيه خصال لا تتوفر في السيد ساكو .


المصادر
1-      موضوع القومية, الكاردينال لويس روفائيل ساكو
http://saint-adday.com/?p=36301&fbclid=IwAR25pg-hTTOo3by_F-bBe4Pt5oOImyXUWt_2OYXsi_xkkwv5BsPfyaIs_94
2-      لمعجم الوسيط
3-      الموسوعة الميسرة للمصطلحات السياسية, الدكتور عبد الفتاح اسماعيل الكافي
4-      موسعة السياسة, عبد الوهاب الكيالي
5-      الاشوريون والمسألة الاشورية في العصر الحديث , ق.ب. ماتفييف
6-      Tadmor, H. (1994). The Inscriptions of Tiglath-Pileser III, King of Assyria.pp.29


Comments

Popular posts from this blog

سوق المواقف الآشورية

قانون اللغات الرسمية .. قراءة آشورية