مرسوم المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية... ناقوس ينذر بالخطر

ادورد اوراها

ان الواقع الاشوري اليوم يقف على درجة كبيرة ن الاستثنائية, فهو واقع شعب مشرد مفتقر الى مرجعية فكرية وقومية وسياسية ودينية موحِدة جامعة واذا كان هذا من الامور غير المستغربة و غير المهِددة لشعوب تنعم بحقوقها في اوطانها  و دولها, الا ان الحالة الاشورية الاستثنائية تودي بهذا الامر الى ان يلقي بظلاله و تداعياته على مسيرة القضية الاشورية كقضية يتبلور عن تفاعلاتها مصير الشعب الاشوري, و في ظل هذه التعقيدات و التداخلات بين المؤثرات و المعطيات والنتائج يأتي المصاب الجلل بفقدان قداسة البطريرك مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الاشورية, جاء ليلقي بأعباء اضافية على كاهل الشعب المثقل سلفا بالواقع الراهن و همومه و احمال الفشل السياسي والشعبي في مرحلة من احرج المراحل التي مر بها الاشوريون على مر تاريخهم, فالراحل من خلال موقعه على رأس الكنيسة مثل زعامة روحية لشريحة واسعة من الاشوريين, كما ان تسنمه كرسي البطريركية الذ اعتلاه من قبله عظماء  يشكلون علامات فارقة في التاريخ الاشوري و قضية هذا الشعب الجريح مثل شهيد الامة والكنيسة الخالد مار بنيامين شمعون والبطريرك مار ايشاي شمعون اسقط عليه مسؤولية كبيرة في الجانب القومي الى جانب المسؤولية الكنسية.
ان الشعب الاشوري شعب متدين بمجمله و هو بالتالي يرى في مؤسساته الدينية رموزا تسهم في تشكيله و تكوينه كشعب وهذا يضاعف مسؤولية مسؤولي هذه المؤسسات, فكل حركة وسكنة وتصريح و تلميح يحمل بين ثناياه تداعيات على المسيرة الاشورية, وهذا ينطبق على كافة المؤسسات الدينية القائمة في شعبنا بشتى توصيفاته الكنسية ولا يقتصر على كنيسة بعينها, ولكن كنيسة المشرق الاشورية اليوم هب المثال القريب لانها صاحبة الحدث.
ان الشعب الاشوري اليوم يفوق عدد ابناءه المقيمين في المنافي و المهاجر عدد الباقين منهم على ارض الوطن الاشوري , والكثرة الساحقة لجأت الى المنافي و المهاجر نتيجة القمع و التهديد و الارهاب و التتطهير العرقي الذي تعرضوا و ما يزال اخوانهم على ارض الوطن الاشوري الممزق والمحتل يتعرضون له, و الاشوريون من المنتمين الى كنيسة المشرق الاشورية ينطبق عليهم ما ينطبق على محمل الشعب الاشوري, فهم منفيون , اما من هم باقون على ارض الوطن الاشوري فهم بين شتى انواع الاحتلالات وواقعون تحت سلطان سلطة قائمة على مصادرة ارضيهم التاريخية ومصادرة قرارهم.
في مثل هذا الوضع و في خضم هذه المعطيات اصدر اعضاء المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية مرسوما يخص انعقاد سينهودس جديد --- *, والمثير للاستغراب هو اختيارهم اربيل موقعا لعقد السينهودس , اربيل الاشورية المكردة والتي يتخذها الكيان الكردي عاصمة له, هذا الكيان القائم على الاراضي الاشورية المستلبة, ان عقد  السينهودس تحت ظل وحماية السلطات الكردية يؤثر باتجاهين رئيسيين.
الاول :
يشكل عقد السينهودس في اربيل شرعنة لقيام الاقليم ومباركة من زعامة احدى اهم مؤسسات الشعب الاشوري لعملية التجاوز والاحتلال والتكريد القائم و المستمر بالتوسع على الاراضي الاشورية, وتجميل لصورة السلطات الكردية امام المجتمع الدولي.
الثاني:
ان انعقاد السينهودس في ظل الحماية الكردية سيملي تبعية السينهودس وقراراته و نتائجه " بضمنها البطريرك المستقبلي" لارادة السلطات الكردية التي لا يعقل اي عاقل انها تصب في مصلحة القضية الاشورية.
ان البطريرك المقبل سيكون مثقلا باعباء استثنائية تمليها المرحلة, وبالتالي فاستقلالية قراره و مواقفه امر حتمي ولا يجوز ان نضعه على المحك بمثل هذه الاخطاء.
سوال يطرح نفسه في هذا الوقت الحرج  من مسيرة كنيسة المشرق الاشورية كمؤسسة فاعلة على صعيد الشعب الاشوري, هل نسي الكهنة الاجلاء أعضاء المجمع المقدس لكنيسة المشرق الآشورية تاريخ كنيستهم؟ هل نسوا الخالد العظيم مار بنيامين شمعون الذي تمجد السلطات الكردية قاتله المجرم سمكو الشكاكي؟ هل قدمت هذه السلطات اعتذارا للكنيسة وللشعب الاشوري عن تخليدها للمجرم الشكاكي باطلاق اسمه على الشوارع؟.
على الرغم من ان الحالة المثالية لأي شعب تتجسد من خلال وجود مؤسساته على ارضه لتمارس دورها في صقل و تطوير مفردات حياته, وكم تمنيت ان تكون الحالة التي تناولتها في ما مضى من سطور تندرج في هذا السياق فالشعب الاشوري اليوم بأشد الحاجة الى ما يشده الى وطنه وجذوره ومثل هذه الاحداث اذا ما حدثت على ارض الوطن الاشوري في ظل حالة طبيعية دون تجاوزات او احتلال او قهر او قمع او ارهاب كانت ستكون ايجابية الى اقصى الحدود,  الا ان خصوصية الحالة الاشورية تملي علينا التمعن والانتباه الى بعض الامور منها  ان انعقاد السينهودس في ظل الحماية الكردية يرسل برسالة سلبية الى الاشوريين, وبرسالة مضللة الى المجتمع الدولي, وسيشكل سكينا في خاصرة اي جهد قومي مخلص مطالب بحقوق الشعب الاشوري, المطلوب والمرتجى من اعضاء السينهودس الاجلاء مراجعة قرارهم لكي لا يدخلوا الى الخانة التي تقبع فيها الاحزاب الكر...انية المحسوبة على شعبنا والمنضوية في المنظومة الكردية, الشعب الاشوري شعب مسلوب الوطن, مشرد ومنفي, لذا من الضروري توضيح هذه الحقيقة من خلال عقد السينهودس في المنفى مع اقامة حملة للتعريف بسبب انعاقده في المنفى, ما سيشكل دفعة للقضية الاشورية المطالبة بحقوق الشعب الاشوري وسيكون داعما للمطلب الاشوري باقامة وطن اشوري على الارض الاشورية, كما انه سيرفع من شأن الكنيسة و يضعها في مقدمة المطالبين  بالحقوق لا المتنازلين عنها.



Comments

Popular posts from this blog

سوق المواقف الآشورية

قانون اللغات الرسمية .. قراءة آشورية